البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 140 - الجزء 1

  لاهتداء الناس به كاهتدائهم بكلام الله ø {وَسَيِّدًا} أي بما أعطاه الله ø من الشرف والرئاسة على المؤمنين والنبوة والحكمة وهذا حقيقة السؤدد {وَحَصُورًا} أي منقطعاً عن النساء مشتغلاً بطاعة الله ø.

  قوله تعالى سبحانه: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} فإن قيل: فلم راجع بعد أن بشر بالولد ففيه جوابان أحدهما: راجع ليعلم على أي حال يكون منه الولد بأن يرد هو وامرأته إلى حال الشباب أم على حال الكبر فقال له: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ٤٠} أي على هذه الحالة. والثاني: أنه قال ذلك استعظاماً لمقدور الله ø وتعجباً.

  قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءَايَةً} أي علامة لوقت الحمل ليتعجل السرور به {قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} والرمز بمعنى الإشارة والإيماء {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا} وإنما لم يمتنع من ذكر الله ø ومنع من سائر الكلام {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ٤١} والعشي من حين زوال الشمس إلى أن تغيب وأصل العشي الظلمة، وأما الإبكار فمن حين طلوع الفجر إلى وقت الضحى⁣(⁣١) وأصله التعجيل لا تعجيل الضحى.

  قوله: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ} أي اصطفاها على عالمي زمانها ويجوز أن يكون اصطفاؤها لولادة عيسى # {وَطَهَّرَكِ} أي من الكفر وقيل أدناس الحيض والنفاس {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ٤٢} هو تأكيد للاصطفاء الأول بالذكر ويجوز أن يكون


(١) نخ: العشاء.