البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 141 - الجزء 1

  الاصطفاء الأول للعبادة والثاني لولادة المسيح وفي ظهور الملائكة لها أنه توطيد لنبوة عيسى #.

  قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} أديمي الطاعة له والإخلاص والدعاء لربك {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣} وفي تقديم السجود على الركوع قولان أحدهما: أن السجود كان مقدماً في شريعتهم، والثاني أن الواو لا توجب الترتيب وأصل السجود الانخفاض الشديد والخضوع كما قال الشاعر:

  فكلما هاجرت واسجد راسها ... كما سجدت نصرانة لم تحنف

  وكذلك الركوع إلا أن السجود أشد⁣(⁣١) انخفاضاً.

  قوله تعالى: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣} أي افعلي كفعلهم.

  قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} أي ما كان من البشرى بالمسيح {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} وأصل الوحي إلقاء المعنى إلى صاحبه والوحي إلى الرسل الإلقاء بالإنزال وإلى النحل بالإلهام ومن بعض إلى بعض بالإشارة كما قال: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ١١}⁣[مريم]، وقال العجاج:

  وحى لها القرار فاستقرت

  {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} أي تشاحوا عليها وتنازعوا فيها طلباً لكفالتها فقال زكريا أنا أحق بها لأن هي ابنة


(١) نخ: أكثر.