سورة آل عمران
  الاصطفاء الأول للعبادة والثاني لولادة المسيح وفي ظهور الملائكة لها أنه توطيد لنبوة عيسى #.
  قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} أديمي الطاعة له والإخلاص والدعاء لربك {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣} وفي تقديم السجود على الركوع قولان أحدهما: أن السجود كان مقدماً في شريعتهم، والثاني أن الواو لا توجب الترتيب وأصل السجود الانخفاض الشديد والخضوع كما قال الشاعر:
  فكلما هاجرت واسجد راسها ... كما سجدت نصرانة لم تحنف
  وكذلك الركوع إلا أن السجود أشد(١) انخفاضاً.
  قوله تعالى: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣} أي افعلي كفعلهم.
  قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} أي ما كان من البشرى بالمسيح {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} وأصل الوحي إلقاء المعنى إلى صاحبه والوحي إلى الرسل الإلقاء بالإنزال وإلى النحل بالإلهام ومن بعض إلى بعض بالإشارة كما قال: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ١١}[مريم]، وقال العجاج:
  وحى لها القرار فاستقرت
  {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} أي تشاحوا عليها وتنازعوا فيها طلباً لكفالتها فقال زكريا أنا أحق بها لأن هي ابنة
(١) نخ: أكثر.