البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 148 - الجزء 1

  في تحريم ذلك.

  قوله تعالى: {.. إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} لا اختلاف أنه أول بيت للعبادة، وفي بكة أقوال، وقيل إن بكة المسجد ومكة الحرم كله وقيل إن بكة بطن مكة، وقيل: إن بكة هي مكة واشتقاق بكة من تباك القوم بعضهم بعضاً إذا ازدحموا فبكة من زحم الناس للطواف أو بركته بما يستحق من ثواب القصد إليه.

  قوله تعالى: {فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ..} الآية ترقب منه وهو حجر صلد والآية فيه أمن الخائف وهيبة البيت وامتناع البيت من العلو عليه وتعجيل العقوبة لمن عتى فيه وما كان في الجاهلية من أصحاب الفيل {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا} أي الجاني إذا دخله أمن في الجاهلية وأما في الإسلام إذا دخل أمن من النار فأما الجاني إذا جنى ولاذ بالبيت فإنه يلجأ إلى الخروج منه فإذا خرج أقيم عليه الحد {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} والاستطاعة هي بالمال وصحة البدن وأمن من الطريق {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ٩٧} يعني بفرض الحج فلم يره واجباً ولا يرى فعله براً وتركه مأثماً.

  قوله تعالى: {.. قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي تكذيبهم بالنبي ÷ وإنكارهم ثبوت صفته في كتبهم وذلك من فعل اليهود والنصارى وقيل إن صدهم هو ما كانوا عليه من الإغراء بين الأوس والخزرج حتى يتذكروا حروب الجاهلية فيفترقوا {تَبْغُونَهَا عِوَجًا} العوج بكسر العين أي العدول عن الطريق والعَوج بالفتح ميل كل منتصب من حائط أو قناة أو غيره {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} أي شهداء على صدهم عن سبيل الله.

  قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا