البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 150 - الجزء 1

  قوله تعالى: {... كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} فإن قيل: فلم لم يقل أنتم خير أمة والمعنى أن الله سبحانه قدم البشارة لهم بأنهم خير أمة فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} ولم يقل: أنتم خير أمة في البشارة.

  قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} الذي روينا في سبب نزول هذه الآية أنه لما أسلم عبدالله بن سلام وجماعة قالت أحبار من اليهود ما آمن بمحمد إلا شرارنا فأنزل الله هذه الآية إلى قوله: {وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ١١٤} أمة قائمة التي قامت بطاعة الله ø ثابتة على أمره {يَتْلُونَ ءَايَاتِ اللَّهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ} أي ساعات الليل {وَهُمْ يَسْجُدُونَ ١١٣} أي يصلون.

  قوله تعالى: {.. مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} هذه الآية نزلت في أبي سفيانة وأصحابه يوم بدر عند تظاهرهم على رسول الله ÷ والصر البرد الشديد وقيل إنه صوت لهيب النار الذي يكون في الريح وأصله من الصرير وهو الصوت. ظلموا أنفسهم: أي زرعوا في غير موضع الزرع وفي غير وقته فجاءت ريح فأهلكته فضرب الله سبحانه هذا مثلاً لهلاك بعضهم.

  قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين فيهم طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام أضافوا بعض المشركين من اليهود والمنافقين المودة لمصاحبتهم في الجاهلية ونهوا عن ذلك، والبطانة هم خاصة الرجل الذي يستبطنون أمره والأصل البطن ومنه بطانة الثوب لأنه يلي البطن.

  {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} أي لا يقصرون في أمركم، والخبال إيغال وأصله الفساد ومنه الخبل الجنون {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} أي ودوا ضلالكم وأن تعنتوا