البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 158 - الجزء 1

  {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} يعني ما يظهرونه من الإسلام وليس في قلوبهم منه شيء وإنما قال بأفواههم ولم يكن القول إلا بالفم للتأكيد ولما يجوز أن ينسب القول إلى الساكت إذا كان به راضياً.

  قوله ø: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} يعني عبدالله بن أبي بن سلول من المنافقين حين انجزلوا وقعدوا وكانوا هم ثلثمائة وتخلف عنهم من قتل منهم فقالوا: لو أطاعونا ما قتلوا {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٦٨} في تثبيطهم عن الجهاد فراراً من القتل.

  قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يعني أنهم في الحال وبعد القتل بهذه الصفة فأما في الجنة فحالهم معلومة روينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «لما قتل إخوانك بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تعلف من ورق الجنة وترد في أنهارها بحيث لا يملك لهم أحد نفعاً ولا ضراً إلا ربهم، ويحتمل أن يكون المعنى أنهم أحياء بحيث لا يعلم بمواضعهم إلا الله.

  قوله تعالى: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} يقولون إخواننا يقتلون كما قتلنا فيصيبون من كرامة الله ø ما أصبنا.

  قوله تعالى: {.. الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} أما الناس في الموضعين وإن كان بلفظ الجمع فهو واحد وهذا القائل هو نعيم بن مسعود الأشجعي، والناس الثاني هو أبو سفيان وأصحابه، والوقت الذي أراد أبو سفيان أن يجمع فيه هذا الجمع هو بعد رجوعه عن أحد سنة ثلاث حتى أوقع الله في قلوب المشركين الرعب، وقيل إنها في بدر الصغرى سنة أربع بعد أحد بسنة.

  {.. إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أي يخوف أولياءه المنافقين