البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 159 - الجزء 1

  ليقعدوا عن قتال المشركين.

  قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} أي المنافقون {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} أي يريد في الآخرة يحرمهم ثوابهم لإحباط إيمانهم بكفرهم ويجوز أن المراد يريد أن يحبط أعمالهم بما استحقوا من ذنوبهم.

  قوله تعالى: {.. مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} والخبيث المنافق والكافر والطيب المسلم والذي وقع به التمييز هو الجهاد والدلالات التي يستدل بها عليهم {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} وسبب نزول هذه الآية أن قوماً من المشركين قالوا: إن كان محمد صادقاً فليخبرنا من يكفر ومن يؤمن فنزلت هذه الآية فأطلع الله نبيه على الغيب ولكن اختاره فجعله رسولاً.

  قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ} هم مانعو الزكاة ويجوز أن يكون أهل الكتاب من اليهود والنصارى بخلوا أن بينوا للناس ما في كتبهم من صفة رسول الله ÷ ونبوته فقيل إنهم يبخلون ويأمرون الناس بالبخل أي يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي يطوقون بالنار.

  قوله تعالى: {... لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} الذي بلوا به في الأموال النفقة والزكاة والذي بلوا به في أنفسهم الجهاد والقتل {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} والأذى الكثير هو أن كعب بن الأشرف كان يهجو رسول الله ÷ ويحرض المشركين عليه، وقد قيل: إن زعيم بني