[سورة النساء]
  جلودهم التي كانت في الدنيا فعذبوا فيها ولو جاز ذلك لجاز أن يبدلوا أرواحاً غير أجسامهم وأرواحهم التي كانت في الدنيا، ولو جاز ذلك لجاز أن يكون المعذبون في الآخرة بالنار غير الذين أوعدهم الله في الدنيا العذاب على كفرهم.
  فعن هذا ثلاثة أجوبة أحدها: أن ألم العذاب إنما يصل إلى الإنسان الذي هو اللحم والجلد وإنما يحرق الجلد ليصل إلى الإنسان ألم العذاب فأما الجلد واللحم فلا يألمان سواء أعيد على الكفر جلده الذي كان عليه في الدنيا أو غيره.
  والجواب الثاني: أنها تعاد تلك الجلود الأولى جديدة غير محرقة.
  والجواب الثالث: أن الجلود المعادة إنما هي سرابيلهم من قطران جعلت لهم لباساً فسماها الله جلوداً فعلى هذا يجوز إحراق الجلود ثم إعادتها غير محرقة لأن في حال إحراقها إلى حال إعادتها فناؤها وفي فنائها راحتها وقد أخبر الله ø أنها لا تموت ولا يخفف عنهم العذاب.
  قوله تعالى: {.. إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} المعني بها ولاة المسلمين من الأئمة الطاهرين أي ترد أمور الدين والشرائع إليهم ولا ينازعوا في شيء من ذلك، وقيل إن النبي ÷ خوطب برد مفاتيح الكعبة إلى عثمان بن أبي طلحة وهذه الآية عامة في رد كل شيء إلى ما أؤتمن عليه، وروينا عن رسول الله ÷: «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك».
  قوله تعالى: {.. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} يعني أطيعوا الله ø في أوامره ونواهيه وأطيعوا الرسول فيما يؤديه من قبل الله ø وأولي الأمر منكم يعني الأئمة من ولده القائمين مقامه الحاملين ما حمله من أعباء الأمور وسد الثغور.