البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 186 - الجزء 1

  والغلبة؟ قيل: لأن القتال يفضي غالباً إلى القتل أو الغلبة فصار الوعد على القتال وعداً عاماً يفضي إليه القتال.

  قوله تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} وهي مكة أخبر الله ø عنهم من استضعاف النساء والرجال والولدان وافتتانهم عن دينهم بالعذاب والأذى.

  قوله تعالى: {.. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} وهذه الآية نزلت في ناس من الصحابة استأذنوا النبي ÷ بمكة في قتال المشركين فلم يأذن لهم فلما كتب عليهم القتال وهم بالمدينة إذا فريق منهم يذكر ما ذكر الله ø في كتابه، وقيل إنها نزلت في قوم من المنافقين.

  قوله تعالى: {.. أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} والبروج القصور وقيل البيوت في الحصون وأصل البروج الظهور ومنه تبرج المرأة أي ظهورها والمشيدة المعمورة بالشيد وهو الفضة وقيل شاد البناء أي أعلاه ورفعه ومنه قولهم: أشاد بذكره أي رفعه.

  {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} والمراد بالحسنة النصرة وبالسيئة الهزيمة ويحتمل أن تكون بمعنى الرخاء واليؤس والخصب والجدب قوله: {مِنْ عِنْدِكَ} أي تسويد أمرك وبالشؤم الذي لحقنا منك على وجه التطير ومثله قوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}⁣[الأعراف: ١٣١].

  قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} هذا الخطاب لرسول الله ÷ والمراد به غيره والحسنة والسيئة في هذا الموضع على وجهين أحدهما: أن الحسنة