[سورة النساء]
  {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} يعني حصرت ضاقت ومنه حصر العدو والتضييق عليه ومنه حصر القراءة إذا ضاقت على القارئ مذاهبه وهذا إخبار من الله ø عنهم بأن صدورهم حصرت ويحتمل أن يكون دعاء عليهم بأن تحصر صدورهم.
  {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} وفي تسليطهم عليكم وجهان أحدهما تقوية قلوبهم، والثاني الإذن لهم ليدفعوا عن أنفسهم {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ} أي الصلح ويحتمل أن يكون الإسلام {فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ٩٠} وهذه الآية منسوخة بقوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة: ٥].
  قوله تعالى: {سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ} هم قوم كانوا يظهرون لقومهم الموافقة ليأمنوهم وللمسلمين الإسلام ليأمنوهم وهم المنافقون {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} أي كلما ردوا إلى المحنة في إظهار الكفر رجعوا فيه.
  قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} هذه الآية نزلت في عباس بن ربيعة المخزومي فكان أخاً لأبي جهل لأمه قتله الحارث بن يزيد بن عامر بن لؤي لأنه كان يعرف عباساً مع أبي جهل قبل قتله بالحرة بعد هجرته إلى المدينة وهو لا يعلم بإسلامه.
  وتفسير الآية: ما أذن الله لمؤمن أن يقتل مؤمناً ثم قال: {إِلَّا خَطَأً} أي أن المؤمن قد يقتل المؤمن خطأ وليس مما جعل الله ø له وهذا من الاستثناء المنقطع كما قال جرير:
  من البيض لم تطعن بعيداً ولم تطأ ... على الأرض إلا ربط برد مرحل