البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 191 - الجزء 1

  يعني ولم تطأ على الأرض إلا أن تطأ على ذيل البرد من الأرض. {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} إذا كانت كبيرة فليس تجزي إلا أن تكون موحدة مصلية صائمة وإن كانت لم تبلغ أجزت لأن إيمانها صحيح {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} والدية مجملة أخذ بيانها من رسول الله ÷ بأن يجعل الله الرقبة تكفير للقاتل من ماله والدية بدلاً من نفس المقتول على عاقلته.

  ثم قال: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} أي كان قومه كفاراً وهو مؤمن ففي قتله تحرير رقبة مؤمنة وليس فيه دية لأن الدية مما تقوي العدو وتحتمل الآية وجهاً آخر وهو وإن كان من قوم عدو لكم يعني أهل الحرب إذا كان فيهم مؤمن فقتل من غير علم بإيمانه ففيه الكفارة دون الدية سواء كان وارثه مسلماً أم كافراً، ومعنى قوله من قوم أي في قوم.

  قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وهذه الآية في كل من دخل إلينا بأمان أو ذمة أو عهد من الحرب أو الذمة فقتل ففيه الكفارة والدية {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} والصوم بدل من الرقبة.

  قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} وهذه الآية نزلت في مقيس بن ضبابة وقد كان رجل من فهر قتل أخاه فأعطاه النبي ÷ الدية فقبلها وضربها على بني النجار ثم بعث رسول الله ÷ مقيس بن ضبابة ومعه الفهري في حاجة فاحتمل مقيس الفهري وكان بدناً فضرب به الأرض ورضخ رأسه بين حجرين ثم أنشأ يقول:

  قتلت به فهراً وحملت عقله ... سراة بني النجار أرباب قارع