البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 194 - الجزء 1

  وطائفة بإزاء العدو.

  ثم قال: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} والذين يأخذون السلاح هم الذين بإزاء العدو ويحرسون {فَإِذَا سَجَدُوا} يعني الطائفة إذا سجدت التي معك في الصلاة فليكونوا من ورائكم بعد فراغ من كان معك في الصلاة من ركعتهم الثانية لأنهم يرجعون إلى مواقف أصحابهم والإمام واقف بمكانه حتى يصلي بالفرقة الثانية ركعة أخرى وتقوم الفرقة والإمام جالس في الثانية حتى يتم ويسلم بهم وهذا تفسير قوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}.

  قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} يعني بذكر الله التعظيم والتسبيح والتقديس في خوف وغيره ولم يعذر واحداً من تركه إلا مغلوباً على عقله {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أي أمنتم بعد خوفكم فأتموا الركوع والسجود من غير إيماء ولا مشي.

  وقد روينا عن أمير المؤمنين # أنه كان صلاته وصلاة أصحابه يوم الهرير على ظهور الخيل بالتسبيح والتكبير.

  {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ١٠٣} أي فرضاً واجباً مؤقتة في أوقاتها.

  قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} أي ما أصابهم منكم يألمون به كما تألمون مما أصابكم منهم ثم قال: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} من النصرة لكم والعون على عدوكم مع تساويكم في الألم، وقد يكون الرجاء بمعنى الخوف كما قال ø: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ١٣}⁣[نوح]، أي لا تخافون له عظمة، قال الشاعر:

  لا نرتجي حين تلاقي الزائدا ... أسبعة لاقت معاً أم واحدا