البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 195 - الجزء 1

  قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} أي حقٌّ ما فيه {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} أي بما أعلمك الله وأبان لك أنه حق {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ١٠٥} أي مخاصماً عنهم، وهذه الآية نزلت في طعمة بن أبيرق وسبب نزولها أنه كان قد أودع طعاماً ودرعاً فجحده ولم تقم عليه بينة فهم رسول الله ÷ بالدفع عنه فبين أمره وقيل إنه قد كان سرق درعاً وطعاماً فأنكره واتهم غيره وألقاه في منزله فأعانه قوم من الأنصار وخاصم النبي ÷ وهم بذلك على ما ظهر له من أمره حتى أنزل الله فيه هذه الآية.

  قوله تعالى: {... ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} يعني الذي اتهمه السارق وألقى عليه السرقة، وقيل: لما نزلت هذه الآية ارتد ابن الأبيرق ولحق مكة بالمشركين فأنزل الله: {... وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} ... الآية.

  قوله تعالى: {.. إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا} يعني اللات والعزى وقيل إنهن الملائكة لأن الجاهلية كانت تقول الملائكة بنات الله.

  قوله تعالى: {.. وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} يعني عن الإيمان {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} يعني بطول الأمل في الدنيا ليؤثروها على الآخرة {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الْأَنْعَامِ} أي يقطعونها نساكاً لأوثانهم كالبحيرة والسائبة {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} أي دين الله.

  قوله تعالى: {... لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} تقدير الكلام ليس الثواب بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب وإنما هو بالأعمال الصالحة، والخطاب بهذا إلى أهل الإسلام {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}