البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة المائدة]

صفحة 224 - الجزء 1

  ثم قال: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} فجعل الله الصوم بدلاً من المال عند العجز عنه وجعل مع اليسار مخيراً بين التكفير بالإطعام والكسوة والعتق والواجب منها واحد وإذا لم يجد ما يقوته ويقوت عياله وجب عليه الصوم وصيام الأيام متتابعة {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} يعني وحنثتم هذا تقدير الكلام وليس تجب التوبة إلا فيما كان مأثماً من الأيمان فإن اقترن بها المأثم وجبت التوبة بالندم وترك العزم {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} أي احفظوها من الحنث.

  قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} ... الآية، وقد ذكرنا الخمر والميسر {وَالْأَنْصَابُ} فهي الأصنام وقيل إنها الحجارة حول الكعبة يذبحون لها، وأما {الْأَزْلَامُ} فهي قداح من خشب يستقسم بها على ما قدمناه {رِجْسٌ} يعني حرام وأصل الرجس المستقذر الممنوع منه فعبر به عن الحرام لكونه ممنوعاً منه.

  ثم قال: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} أي مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به لأنه لا يأمر إلا بالمعاصي ولا ينهى إلا عن الطاعات.

  قوله تعالى: {... لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} أي ليختبرنّكم بشيء من الصيد فيه قولان أحدهما: أن (من) للتبعيض، والآخر أن تكون زائدة {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} يعني من الصغار {وَرِمَاحُكُمْ} يعني الكبار ويجوز أن يكون قوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} البيض {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} أي لتخافوا الله بالغيب والعلم مجاز والمراد بالغيب السر كما تخافون في العلانية {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} أي في الصيد بعد ورود النهي {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٩٤} أي مؤلم.

  قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} يعني لإحرام حج أو عمرة {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} أي متعمداً لقتله