[سورة الأنعام]
  وبرؤيتها.
  قوله تعالى: {... فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ} معنى نسوا تركوا ما ذكرهم الله به من آياته الدالة على توحيده وصدق رسوله {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} يعني من نعمه التي أنعم بها عليهم وسعة أرزاقهم ليكون إنعامه عليهم داعياً إلى إيمانهم، وقد روينا عن أبينا رسول الله ÷ أنه قال: «إذا رأيت الله ø يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم إياه فاعلم أن ذلك استدراج منه ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} ... الآية.
  {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا} يعني من النعم فلم يؤمنوا {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} وهو سرعة الموت عند الغفلة منه بالنعم قطعاً للذة وتعذيباً بالحسرة ثم قال: {فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ٤٤} والإبلاس هو الإياس والندم والسكون وقد ذكرناه فيما تقدم.
  قوله تعالى: {... قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} أي لا أقدر على إغناء فقير ولا إفقار غني ولا في يدي مفاتيح عذاب الله لأنه خوفهم به فقالوا استهزاء متى يكون؟! {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} أي علم الغيب في نزول العذاب عليهم متى يكون وعلم جميع ما غاب من ماض ويجيء من مستقبل إلا أن المستقبل لا يعلمه إلا الله أو من أطلعه الله على علمه من أنبيائه.
  وأما الماضي فقد يعلمه المخلوقون من أحد وجهين إما من معاينة أو خبر والخبر قد يكون من وجهين من مخلوق عاين أو خالق أخبر وإن كان الإخبار عن مستقبل فهو من آيات الله المعجزة، وإن كان من ماض فإن علم به غير المخبر والمخبر لم يكن معجزاً، وإن لم يعلم به أحد وأعلم به المخبر وحده كان معجزاً.