البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 243 - الجزء 1

  فنفى رسول الله ÷ عن نفسه علم الغيب لأنه لا يعلمه إلا الله وأن ما أخبر به من غيب فهو عن الله ø ووحيه.

  {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} يريد بذلك أنه من جملة البشر وليس بملك لينفي عن نفسه غلو النصارى في عيسى في قولهم إنه ابن الله؛ ثم في نفيه أن يكون ملكاً وجهان أحدهما: أنه بين بذلك فضل الملائكة على الأنبياء لأنه دفع عن نفسه منزلة ليست له. والثاني: أنه أراد أن لست ملكاً من السماء فأعلم غيب السماء الذي تشاهده الملائكة ويغيب عن البشر.

  {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} إني لا أخبركم إلا بما أخبرني الله ø ولا أفعل إلا ما أمرني به {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} أي العالم والجاهل والمؤمن والكافر.

  قوله تعالى: {.. وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} روينا أن سبب نزول هذه الآية أن الملأ من قريش أتوا رسول الله ÷ وعنده جماعة من ضعفاء المسلمين مثل بلال وعمار وصهيب وخباب بن الأرت وابن مسعود فقالوا: يا محمد اطرد عنا موالينا وحلفائنا فإنما هم عبيدنا وعسفانا فلعلك إن طردتهم أن نتبعك فأنزل الله هذه الآية ونزل في الملأ من قريش: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} في قوله: {الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} أي يعبدونه بدعائهم يريدون وجهه أي يريدونه بدعائهم لأن العرب تذكر وجه إرادة له مثل قوله: هذا وجه الصواب أي الصواب تفخيماً للأمر وتعظيماً للشأن {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} أي من حساب عملهم من شيء من ثواب أو عقاب {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ} لأن كل واحد مؤاخذ بحساب عمله دون غيره.