البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 245 - الجزء 1

  وهو الدافع عن ذي كربة ... أيدي القوم إذا الجاني اجترح

  {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} يعني في النهار باليقظة وتصرف الروح بعد قبضها بالنوم {لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى} استكمال العمر وانقضاء الأجل بالموت {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} يعني بالبعث والنشور في القيامة {ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٦٠} في الدنيا من خير وشر.

  قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} أي أعلا قهراً وأرفع قدراً فلذلك قال: فوق عباده، والثاني: الأقدر إذا استحق المبالغة عبر عنه بهذه العبارة فقيل هو فوقه في القدر أي أقدر منه، وفوقه في العلم أي أعلم منه {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} يعني الملائكة الموكلة بالنفوس وحفظها من الآفات وعلمها بالأعمال من خير وشر {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} يعني أسباب الموت بانقضاء الأجل {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} يعني بقبض الروح.

  فإن قيل: المتولي لقبض الأرواح ملك الموت الذي وكل بكم فكيف توفتهم رسلنا والرسل جمع؟ قيل: لأن الله أعان ملك الموت بأعوان من عنده يتولون ذلك بأمره فصار التوفي من فعل أعوانه وهو مضاف إليه لمكان أمره كما يضاف إلى الإمام فعل أعوانه من قتل أو جلد إذا كان بأمره {وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ٦١} أي لا يقصرون ولا يؤخرون.

  قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} وفي متولي الرد وجهان أحدهما الملائكة الذين توفتهم والثانية أنه الله تعالى .... بالبعث والنشور وردهم إلى الله ردهم إلى تدبيره لأن الله تعالى دبرهم عند خلقهم وأنشأهم ثم مكنهم من التصرف فصاروا في تدبير أنفسهم ثم كفهم عند الموت فصاروا في تدبير الله ø كالحالة الأولى فصاروا في ذلك مردودين إليه