البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 246 - الجزء 1

  ويجوز أنهم ردوا إلى الموضع الذي لا يملك الحكم عليهم فيه إلا الله تعالى فجعل الرد إلى ذلك الموضع رداً إليه.

  فإن قيل: كيف قال: {مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} وقد قال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ١١}⁣[محمد]، والمولى في هذا الموضع بمعنى الناصر وذلك صحيح لأن الكافرين لا ناصر لهم والمولى الأول بمعنى الملك والمدبر.

  قوله تعالى: {... قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} الذي من فوقهم الرجم والذي من تحت أرجلهم الخسف، ويحتمل أن يكون العذاب الذي من فوقهم هو الطوفان والذي من تحت أرجلهم الريح {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} يعني بالحروب والقتل، وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال لما نزلت هذه الآية شق على رسول الله ÷ فصلى صلاة وأطال فيها فقيل له ما أطلت صلاة كاليوم؛ فقال: «إنها صلاة رغبة ورهبة إني سألت ربي أن يجيرني من أربع خصال فأجارني من خصلتين ولم يجرني من خصلتين سألته أن لا يهلك أمتي بعذاب من فوقهم كما فعل بقوم نوح وبقوم لوط فأجارني، وسألته أن لا يهلك أمتي من تحت أرجلهم كما فعل بقارون فأجارني لكون الحجج الذين من ولدي فيهم، وسألته أن لا يفرقهم شيعاً فلم يجرني، ونزل قوله: {الم ١ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ٢}⁣[العنكبوت]».

  قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} أي القرآن يعني أن ما كذبوا به هو الحق، والفرق بين الحق والصواب أن الحق قد يدرك بغير طلب والصواب لا يدرك إلا بطلب {قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ٦٦} أي لست بحفيظ لأعمالكم لأجازيكم عليها وإنما أنا منذر فلا أؤاخذكم