البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 250 - الجزء 1

  {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا} أي طالعاً يقال: بزغت الشمس إذا طلعت، فإن قيل: فلم كان أفولها دليلاً على أنه لا يجوز عبادتها؟ قيل: لأن تغييرها بالأفول دليل على أنها مدبرة محدثة وما كان بهذه الصفة استحال أن يكون إلهاً معبوداً.

  قوله تعالى: {... الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي بشرك لقول لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ١٣}⁣[لقمان]، ويجوز أن يكون سائر أنواع الظلم والآية على عمومها.

  قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ءَاتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ} في هذه الحجة التي أوتيها ثلاثة أوجه أحدها قوله: أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً أم تعبدون من يملك الضر والنفع؟ فقالوا: مالك الضر والنفع أحق.

  والثاني: أنه لما قال لهم: أي الفريقين أحق بالأمن عبادة إله واحد أو عبادة آلهة ستاً؟ قالوا: عبادة إله واحد فأقروا على أنفسهم.

  والثالث: أنهم قالوا لإبراهيم: أنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون؛ وهذه الحجة أحوطها أخطرها الله ببال إبراهيم حتى استخرجها بفكره.

  قوله تعالى: {... فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ٨٩} يعني إن يكفروا أهل مكة فقد وكلنا بها أهل المدينة أي أقمنا بحفظها ونصرتها يعني كتب الله وشرعة دينه.

  {.. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي ما عظموه حق تعظيمه {إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} يعني من كتاب من السماء وهذا قول قريش واليهود فرد الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} يعني التوراة واعترافهم بنزولها.