البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 251 - الجزء 1

  ثم قال: {نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} لأن المنزل من السماء لا يكون إلا نوراً وهدىً، ثم قال: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} يعني أنهم يخفون ما في كتبهم من نبوة محمد ÷ وصفته وصحة رسالته.

  قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} يعني القرآن {مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} أي الكتب التي قبله من التوراة والإنجيل وغيرهما {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} مكة لأنها أول بيت وضع للناس ومنها دحيت الأرض.

  ثم قال: {وَمَنْ حَوْلَهَا} من أهل الأرض كلها {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ} والهاء في (به) عائدة إلى الكتاب ويجوز أن ترجع إلى محمد ÷ ومعنى الكلام والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون بمحمد ÷ لما قد أظهر الله ø من معجزاته وآياته على صدقه.

  قوله ø: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} هذه الآية نزلت في مسيلمة الكذاب ومن أشبهه {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} وهي فيمن تقدم ذكره من مدعي الوحي والنبوة، قوله: {وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} أي بالعدل عن قبض أرواحهم من أجسادهم {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} أي من أجسادكم عند معاينة الموت إرهاقاً لهم وتغليظاً عليهم وإن كان إخراجها من فعل غيرهم {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} بالضم الهوان قال ذو الأصبع العدواني:

  أذهب إلي فما أمي براعية ... ترعى المخاض ولا أغضي على هون