البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 252 - الجزء 1

  وأما الهون بالفتح فهو الرفق لقوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}⁣[الفرقان: ٦٣]، أي برفق وسكينة.

  قوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الفرادى الواحدان أي فراد من الأعوان والأموال {وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} يعني ملكناكم من الأموال والتخويل تمليك المال قال أبو النجم:

  أعطى فلم يبخل ولم يبخل ... كوم الذرى من خول المخول

  {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ} أي آلهتهم التي كانوا يعبدونها ويعتقدون شفاعتهم {أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} أي في تحمل ما ينالكم من العذاب {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} تواصلهم في الدنيا.

  فإن قيل: لقد جئتمونا خبر ماض والمقصود منه الاستقبال؛ فالجواب: أنه على الظاهر إخبار عن ماض ويجوز أنه لتحقيقه بمنزلة ما قد كان فجاز وإن كان مستقبلاً أن يعبر عنه بماض.

  قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} أي فالق الحبة عن سنبلة والنواة عن النخلة ويجوزأن يكون عبارة عن الشقاق فيهم البائن {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} أي يخرج السنبلة الحية من الحبة الميتة، ويخرج النخلة الحية من النواة الميتة، وإخراج الميت من الحي أي الحبة الميتة من السنبلة الحية والنواة الميتة من النخلة الحية.

  ويحتمل أن يكون المعنى: ويخرج الإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان والكافر من المؤمن والمؤمن من الكافر {ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ٩٥} أي تصرفون عن الحق.

  قوله تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} وهو إضاءة الفجر وهو من طلوع