البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 253 - الجزء 1

  الشمس {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} وإنما سمي سكناً لأن كل متحرك يسكن فيه وكل حي يأوي إلى سكنه {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} أي أنهما يجريان بحسبان ويرجعان إلى أدوار بزيادة أو نقصان وقيل ضياء من قوله: {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ}⁣[الكهف: ٤٠]، قيل نار.

  قوله تعالى: {.. وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني آدم {فَمُسْتَقَرٌّ} في أرحام النساء {وَمُسْتَوْدَعٌ} في أصلاب الرجال.

  قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ} أي رزق كل شيء من الحيوان ونبات كل شيء من ثماره {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا} يعني زرعاً خضراً رطباً بخلاف صفته عند بذره {نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا} يعني السنبل الذي قد تراكب حبه {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} القنوان جمع قنو وهو العذق قال امرئ القيس:

  فآب بقنوان من البسر أحمرا

  و {دَانِيَةٌ} أي دانية من المجني لقصر نخلها وقرب تناولها {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} أي بساتين من أعناب {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} أي مشتبهاً ورقه مختلفاً ثمره {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} روي بضم الثاء وفتحها فمن ضم أراد جمع ثمار ومن فتح أراد جمع ثمرة.

  قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} أي مشركي العرب جعلوا الملائكة بنات الله شركاء له كقوله: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ١٥٨}⁣[الصافات]، فسمى الملائكة جناً لاجتنانهم عن الأبصار {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي كذبوا لأن اليهود قالوا عزير بن الله والنصارى قالوا المسيح بن الله ومشركي