[سورة الأنعام]
  العرب قالوا الملائكة بنات الله.
  قوله تعالى: {... لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} معناه لا تراه الأبصار وذلك لأمرين أحدهما: أن الأبصار ترى ما قاربها ولا ترى ما لاصقها، وما باين البصر لا بد أن يكون بينهما فضاء فلو رأته الأبصار لكان محدوداً ولخلا منه مكان وهذه صفات الأجسام التي تجوز عليها الزيادة والنقصان.
  والثاني: أن الأبصار تدرك الألوان كما أن السمع يدرك الأصوات فلما امتنع أن يكون ذا صوت امتنع أن يكون مسموعاً {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣} أي لطيف في التدبير خبير في الحكمة.
  قوله تعالى: {.. وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ} أي يتلو بعضها بعضاً فلا ينقطع التنزيل، وقيل إن الآية تتصرف في معاني متغايرة مبالغة في الإعجاز ومباينة لكلام البشر ويحتمل أن يكون تصريفاً بالوعد والوعيد والأمر والنهي ليكون أبلغ في الزجر وأدعى إلى الإجابة وأجمع للمصلحة.
  {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} وتقديره: لئلا يقولوا درست فحذف ذلك إيجازاً كما قال: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء: ١٧٦]، يعني لئلا تضلوا؛ فمعنى درست قرأت كما زعمت قريش ودارست بمعنى ذاكرت ومن قرأ درست بتسكين التاء فإنما أراد أصبحت ودبرت وتنادمت.
  قوله تعالى: {... وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} يعني إعداء أي لا تسبوا الأصنام فيسبوا عبدة الأصنام من أمركم بسبها {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} أي كما أوضحنا لكم الحجج الدالة على الحق كذلك أوضحنا لمن كان قبلكم من حجج الحق مثل ما أوضحناه لكم، ويجوز أن يكون بمعنى زينا فعل ما أمرناهم به من الطاعات.