سورة الأعراف
  المعنى من ذلك قول رؤبة بن العجاج:
  وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق ... سراً وقد أون تأوين العقق
  والشيطان الذي وسوس إليهما هو الشهوة والهوى لأنهما يحملان على المعاصي كما يحمل الشيطان وهما عدوان في النفس كعداوة الشياطين.
  {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ٢٠} وهذا الذي خطرت لهما به الوسوسة وهمهما أنهما يصيران بمنزلة الملائكة في علو المنزلة ورفعة المحل وأن يخلدا في الجنة.
  {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} أي حظهما وذلك هو فعل الهوى والشهوة وهو في منزلة الطاعة إلى محل المعصية مع أن أكلهما لم يكن تعمداً إلى مخالفة الأمر لأن ذلك يجعل ذنبهما كبيرة والكبائر لا تجوز على الأنبياء لأنهم معصومون وإنما أقدما عليها لشبهة دخلت عليهما أو لما ذكرناه فيما تقدم في التفسير من الوجوه المحتملة.
  {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} أي زالت عنهما ما كان عليهما من اللباس {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} ويخيطانها عليهما.
  {.. قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} وهذا مخاطبة لآدم وحواء والاثنان قد يعبر عنهما بعبارة الجمع والبغض المعادي هو الشهوة والهوى {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ٢٤} المستقر موضع الاستقرار والمتاع فهو كل ما يتمتع به من عروض الدنيا ويستمتع والحين وقت مجهول ينطلق على طويل الزمان وقصيره وإن كان في الأغلب موضوعاً للتكثير قال الشاعر:
  وما آخر بعد الحلم والدين ... وقد علاك مشيب حين لا حين