البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 275 - الجزء 1

  أي وقت لا وقت.

  قوله تعالى: {.. يَابَنِي ءَادَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} نزلت هذه الآية في ناس من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويرون ذلك أبلغ في الطاعة وأعظم في القربة ويتأولون أن الثياب قد دنستها المعاصي فخرجوا عناه، ويحتمل أن يكون فعلوا ذلك تفاؤلاً بالتعري من الذنوب قال الله تعالى: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} أي ما تلبسون من الثياب.

  فإن قيل: فليس ذلك بمنزل من السماء؛ ففيه جوابان أحدهما: أنه لما كانت نبتت بالمطر الذي ينزل من السماء صار كالمنزل من السماء، والثاني: أن هذا من بركات الله ø والبركة تنسب أنها تنزل من السماء صار كالمنزل من السماء قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ} ... الآية [المؤمنون: ١٨].

  ثم قال: {يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} أي يستر عوراتكم ومنه سميت العورة سوءة لأنه يسوء صاحبها انكشافها.

  ثم قال: {وَرِيشًا} والريش الثياب والجمال والنعيم كما قال الشاعر:

  وريشي فيكم وهواي فيكم ... وإن كانت رباربكم لماما

  ثم قال: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} هو العمل الصالح والإيمان واليقين، ثم قال الذي ذكرته خير كله.

  قوله تعالى: {يَابَنِي ءَادَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} وهذا خطاب يوجه إلى من كان قبلكم من العرب يطوف بالبيت عريان فقيل لهم لا يفتننكم الشيطان بغرور كما فتن أبويكم من قبل حتى