البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 28 - الجزء 1

  أَنْفُسَهُمْ}: يعني المنافقين يخادعون رسول الله ÷ والمؤمنين بأن يظهروا من الإيمان خلاف ما يبطنون له من الكفر لأن أصل الخديعة الإخفاء ومنه مخدع البيت الذي يَخفى⁣(⁣١) منه وجعل خداعهم لرسول الله ÷ خداعاً له لأنه دعاهم برسالته وما يخادعون إلا أنفسهم ورجوع وباله عليهم.

  {وَمَا يَشْعُرُونَ ٩}: [يعني]⁣(⁣٢) وما يفطنون ومنه سمي الشاعر لفطنته لما لا يفطن غيره ومنه قولهم: ليت شعري.

  قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: أي شك ونفاق وغم ومنه قول الشاعر:

  أجامل أقواماً حياءً وقد أرى ... صدورهم تغلي علي مراضها

  وأصل المرض الضعف يقال مرّض في قوله أي ضعفه وإنما غمهم بظهور النبي ÷ على أعدائه، {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} أي بما ينزله على رسوله من الفرائض والحدود والأحكام، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠} يعني مؤلماً.

  قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} والفساد في هذا الموضع فعل ما نهى الله ø عنه وتضييع ما أمر بحفظه والإعراض عن ممالاة الكفار⁣(⁣٣) والفساد هو العدول عن الاستقامة وهذه الآية نزلت في المنافقين. {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ١١} وذلك أنهم ظنوا أن في ممالاة الكفار صلاحاً لهم وليس كما ظنوا لأن الكفار لو ظفروا بهم لم يبقوا


(١) نخ (هـ): الذي يُخفى فيه.

(٢) زيادة من نخ (هـ).

(٣) نخ (ح): الفساق.