البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 287 - الجزء 1

  أي مغشياً عليه {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} وإنما تاب من سؤال المستحيل مع العلم به والسؤال لم يكن له فيكون آثماً فيه وإنما سأل لقومه حتى يصير لهم العلم باستحالة الرؤية على بارئهم مثل ما صار له {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ١٤٣} وأنا أول المؤمنين باستعظام الرؤية وأنه لا يراك شيء من خلقك.

  {.. وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ} وإنما سمي اللوح لوحاً لأن المعاني تتبين فيه بالكتابة فكلما استبان فيه معنى من المعاني فهو لوح والألواح هو ما أنزل الله عليه من الصحف والتوراة التي يتلو فيها الحلال والحرام والمحظور والمباح والواجب وغير الواجب.

  وفي قوله: {مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا} فالموعظة النواهي والتفصيل الأوامر {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} أي بجد واجتهاد وصحة وعزيمة {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} لم يقل ذلك لأن فيها غير الحسن ولكن أراد بالأحسن المفروضات دون المباحات والناسخات دون المنسوخات {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ١٤٥} وهي جهنم وقيل المراد بها مصر فرعون.

  قوله تعالى: {... وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} والأسف المتأسف على فوت ما سلف، الحزين على ما فرط، الشديد الغضب على ما عاين {قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي} يعني بعبادة العجل {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} يعني وعد ربكم الذي وعدني به من الأربعين ليلة وقد ذكرنا الفرق بين العجلة والسرعة فيما مضى {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ} التوراة وسبب إلقائها من غضبه حين رآهم يعبدون العجل {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} أي أخذه بجملة رأسه.

  فإن قيل: فلم قصده بمثل هذا الهوان ولا ذنب له؟ فعن ذلك جوابان