سورة الأعراف
  أحدهما: أن هذا الفعل مما قد يتغير حكمه بالعادة فيجوز أن يكون في ذلك الزمان بخلاف ما هو عليه الآن، والثاني: أن ذلك منه كقبض الرجل الآن متى قبض على لحيته وعضه على شفتيه عندما يغمه من الأمور، فقال: يا {ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي} وكان هارون أخا موسى لأبيه وأمه وإنما قال ذلك على عادة العرب استعطافاً بالرحم شعر:
  يا ابن أمي ويا شقيق نفسي ... أنت خليتني لأمر شديد
  قوله تعالى: {... وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَءَامَنُوا} أما التوبة من السيئات فهي الندم على ما سلف منها والعزم على أن لا يفعل مثلها.
  فإن قيل: فالتوبة إيمان فما معنى قوله: {ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَءَامَنُوا} يعني أنهم تابوا من المعصية واستأنفوا عمل الإيمان بعد التوبة، والثاني: آمنوا بأن الله قابل للتوبة.
  قوله ø: {.. وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} وفي الكلام محذوف وتقديره واختار موسى من قومه سبعين رجلاً لميقاتنا، وفي قوله: لميقاتنا وهو الميقات المذكور في سؤال الرؤية {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} وهي النار التي وقعت عليهم من الصاعقة فأحرقتهم وماتوا ثم أحياهم الله بعد ذلك {قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ} بسؤالهم المحال والذي لا يجوز عليك من الأوصاف {وَإِيَّايَ} بدخولي معهم في السؤال ما لا يجوز مع العلم باستحالته وعدم الجواز عليه {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} فيه قولان أحدهما: أنه سؤال استفهام خوفاً من الله تعالى أن يكون قد عمهم بانتقامه كما قال: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال: ٢٥]، والثاني أنه سؤال نفي وتقريره أنك لا تعذب الأمة