البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 293 - الجزء 1

  بن باعورا كان عنده بعض كتب الأنبياء فرشاه قومه على أن يسكت عنهم ولا يتعرض لهم ففعل ذلك فأقرهم على كفرهم ورضي بذلك {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} هو الذي أغواه من شياطين قومه فأخذ الرشوة فصيره لنفسه تابعاً بإجابته له حين أغواه يقال: اتبعت القوم إذا لحقتهم وتبعتهم إذا سرت خلفهم.

  قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} أي ولو شئنا لخليّنا بينه وبين الكفر حتى يصير مرفوع المنزلة {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} أي ركن إليها أي ركن إلى شهوات الأرض فشغلته عن طاعة ربه وقد بين في قوله: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ثم ضرب مثله بالكلب {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}.

  قوله تعالى: {... وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} أي خلقنا ممن يصير إلى جهنم لكفره ومعصيته كثيراً من الجن والإنس، واللام في جهنم لام العاقبة {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا} أي لا يفقهون الحق وأعين لا يبصرون بها الرشد {وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا} الوعظ فصاروا بترك استعمالها بمنزلة من عدمها كما قال مسكين الدارمي:

  أعمى إذا ما جارتي خرجت ... حتى يواري جارتي الخدر

  وأصم عما كان بينهما ... سمعي وما بالسمع لي وقر

  {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} كل أسمائه حسنى غير أن منها ما هو مستحقه لنفسه كقولنا: القديم أي هو الأول قبل كل شيء والباقي بعد فناء كل شيء والقادر الذي أتقن كل شيء والعالم الذي لا يخفى عليه شيء والحي الذي لا يموت والواحد الذي ليس كمثله شيء وهو السميع