البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 297 - الجزء 1

  قوله تعالى: {.. وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} أي لقراءته {وَأَنْصِتُوا} أي لا تقابلوه بكلام ولا إعراض {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ٢٠٤} وهذه الآية نزلت في المأموم خلف الإمام ينصت لقراءته ولا يقرأ فإذا حضر الجمعة أنصت لخطبة الإمام ولم يتكلم.

  قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا} والمقصود بالذكر بالقلب باستدامة الفكر حتى لا ينسى نعم الله ø الموجبة لطاعته، ويحتمل أن يكون الذكر باللسان إما تعظيماً له بالآية أو رغبة إليه في دعائه وهذا خطاب للنبي ÷ وحكمه عام في جميع المكلفين.

  ثم قال: {تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} أما التضرع فهو التواضع والخشوع، وأما الخيفة فمعناه مخافة منه {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} يعني الإسرار بالقول إما بالقلب أو باللسان على ما تقدم من التأويلين ثم قال: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} أي بالبكر والعشيات {وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ٢٠٥} أي عن الذكر والعمل.

  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} يعني الملائكة {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} أي عن التسبيح له والصلاة والخشوع ولا يغفلون عن طاعته في أوامره ونواهيه {وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ٢٠٦} هذا أول سجدات التلاوة في القرآن وسبب نزولها ما قاله كفار مكة: {وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ٦٠}⁣[الفرقان]، فأنزل الله هذه الآية وأعلمهم أن الملائكة المقربين إذا كانوا على هذه الحالة في الخضوع والرغبة فأنتم بذلك أولى.