البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأنفال

صفحة 299 - الجزء 1

  بدر والمنازع له طائفة ممن كان معه من أصحابه الذين ظاهرهم الإسلام وباطنهم النفاق فخرجوا لأخذ العير المقبلة من الشام مع أبي سفيان فلما فاتهم ذلك أمروا بالقتال فجادلوا طلباً للرخصة وقالوا: ما تناهينا في الخروج للقاء العدو فأنزل الله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٦} لأن من يساق إلى الموت وهو عالم به وناظر إليه أشد لحاله.

  قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} وسبب ذلك أن عير قريش لما أقبلت من الشام مع أبي سفيان هم رسول الله بأخذها والخروج لها وسار فبلغ ذلك قريش فخرجت للمنع منها فلما علم رسول الله ÷ ذلك شاور أصحابه فقال من صح يقينه منهم: يا رسول الله قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أنما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض بنا يا رسول الله ما أردت فوحق من بعثك بالحق نبياً إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته فنخوضه معك وكسر قوم عليه وقالوا: لم نخرج باستعداد ولا أهبة جهاد فسار رسول الله ÷ وقال: «سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين {أَنَّهَا لَكُمْ} يعني العير والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم» فذلك معنى قوله: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} يعني العير التي مع أبي سفيان أو الظفر بقريش الخارجين للمنع منها.

  {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} إلى غير ذات الحرب وهي العير لأن نفوسهم في لقائها أسكن وهم إلى ما فيها من الأموال أحوج وفي الشوكة التي كنى بها عن الحرب وجهان أحدهما: الشداد فكنى بها عن الحرب لما فيها من الشدة، والثاني أنها السلاح وشاك في السلاح