البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأنفال

صفحة 300 - الجزء 1

  فكنى بها عن الحرب لما فيها من السلاح.

  {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} أي إظهار الحق بإعزاز الدين في وقته على ما تقدم من موعده والثاني أن يحق الحق في أمره لكم أن تحادوا عدوكم ليحق الحق معناه ليظهر الحق {وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} أي يذهب بالباطل، وهذه الآية نزلت قبل قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} وهي في القراءة بعدها.

  قوله تعالى: {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ٩} أي مع كل ملك ملكٌ فيكون الألْف ألفين والثاني: متتابعين إمداداً للمسلمين بهم {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ} والبشرى هي مددهم بألف من الملائكة مردفين يبشرونهم بالنصر فكانت هي البشرى التي ذكرها الله ø والبشرى أيضاً كانت بالنصر التي عجلها الله لهم والملائكة لم يقاتلوا ولكن نزلوا بالبشرى {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} وإلا فملك واحد يهلك جميع المشركين كما أهلك جبريل قوم لوط {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} لئلا يتوهم أن النصر جاء من قبل الملائكة إلا من قبل الله تعالى.

  قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} وذلك أن النبي ÷ وكثير من أصحابه غشيهم النعاس ببدر يعني به الدعة وسكون الخوف {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} لأن الله تعالى أنزل عليهم ماء من السماء معونة لهم بثلاثة أمور أحدها: الشرب وإن كانوا على ماء، والثاني: وهو أخص أحواله بهم في ذلك المكان وهو أن [الرمل تلبد]⁣(⁣١) بالماء حتى أمكن المسلمين القتال عليه، والثالث ما وصفه الله تعالى من حال التطهير من الإحداث والأدران التي نالتهم وإنما خصه


(١) هذه زيادة والذي في الأصل: وهو أن الرجل يلتذ بالماء ... إلخ.