وصلى الله على من بعثه بالرحمة والهدى والحنيفية الأولى، فأمر بالحق ونطق بالصدق محمد وآله الطاهرين وأن الله سبحانه وعز عن كل شأن شأنه لما أظهرنا من الصفوة الطيبة، والعترة المرضية، وهدانا بفضله، ومن علينا بطوله؛ حين جعلنا حفاظ كتابه وأحكامه، وخزان حلاله وحرامه، والمستحفظين على أسراره وغوامضه، والقائمين بنشر مسنوناته وفرائضه، والعالمين بطرق الصواب مما اختلف فيه المختلفون، والمبينين للصحيح الذي يقول فيه المتقولون.
  رأينا بعد استخارة الله ø تفسير الغامض من كتاب الله ø الخفي الذي لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم وترك الظاهر الجلي إذ يعلم تفسير ذلك بمجرد التلاوة ولا يحتاج إلى كثير من الإيضاح والإبانة، وقد عمل الناس في التفاسير الأعمال، وبلغوا إلى كل غاية ومنال، غير أن من فسر كله أو بعضه فسره على رأيه ومذهبه.
  وقد جمعنا في كتابنا هذا من تفسير كلام الله ø وبيان مسلكه على المذهب الصحيح والدين الصريح مذهب آل الرسول في الفروع والأصول ما هو(١) موافق للحق مقارب ومباعد للباطل مجانب، وربما احتملت الآية أقاويل وكلها سائغة على المذهب النقي، والسبيل الرضي، فذكرناها وربما احتملت وجهاً أو وجهين فأوردناهما على ما شرطنا ولم نُخِلْ بشيء مما يحتاج من أحكام القرآن والسنة، والتأويل والتنزيل، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، والقصص والجدال والأمثال، وإن لم نستوف ذلك غاية الاستيفاء، رهبة التطويل وخشية ضياع الفائدة عند تطاويل الكلام، ففيه ما يغني الناظر المتدبر، والمتأمل المتفكر، ولا نعلم أن أحداً جمع ما
(١) نخ (ح): وهو.