جمعناه ولخص ما لخصناه من الأئمة $ وإن كان لكل منهم فضل ودرجة، وعلم وسابقة، وشرح واستقصاء، لكنا بنعم الله علينا نتحدث وبجزيل منحه ومننه نشكر حيث هدانا إلى الصراط المستقيم، وألهمنا معرفة الصحيح من السقيم، وأبان لنا طريق الهدى، ولم يدخلنا في الضلالة والعمى، ولم يجعلنا من الضالين المضلين، والغاوين المغوين، والخائضين المخوضين، بصرنا بما فهمنا، وأيدنا بما علمنا، وأرشدنا بما ألهمنا، لم نأخذ بالآراء، ولم نتبع طريقة الأهوى؛ بل أخذنا أخبار خلف أخيار عن سلف أطهار إلى النبي المختار عن الملَك(١) النازل بالإعذار والإنذار من الملك العزيز الجبار.
  روينا عن الحارث الأعور قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الحديث فدخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه وآله السلام فقلت: يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؛ فقال: (أوَقد فعلوها؟) قلت: نعم. قال: (أما أني قد سمعت رسول الله ÷ يقول: «ألا إنها ستكون فتنة» فقلت: (فما المخرج منها يا رسول الله؟) قال: «كتاب الله ø فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، والصراط المستقيم، هو الذي لا يزيغ به إلى الهوى ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة التردد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا ١ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}[الجن]، من قال به صدق، ومن
(١) وهو جبريل # تمت هامش نخ (هـ).