سورة الأنفال
  فقال عمرو بن هشام قيدوه واحبسوه في بيت تتربصون به ريب المنون وقال أبو البختري: أخرجوه عنكم على جمل مطرود تستريحون من أذيته لكم، قال أبو جهل: ما هذا برأي ولكن اقتلوه بأن يجتمع من كل قبيلة رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد فيرضى حينئذ بنو هاشم بالدية فأوحى الله إلى نبيه بذلك فخرج إلى الغار مهاجراً إلى المدينة.
  قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} أي مثل هذا في النظم والبيان معارضاً في الإعجاز {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ٣١} يعني أحاديث الأولين وقصصهم وأخبار من تقدم وليس بوحي من الله تعالى، وهذه الآية نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة قتله النبي ÷ صبراً في جملة ثلاثة من قريش عقبة بن أبي معيط والمطعم بن عدي والنضر بن الحارث وكان أسير المقداد فلما أمر النبي ÷ به قال المقداد: أد أسيري يا رسول الله فقال ÷: «اللهم أعز المقداد» فقال: هذا أردت فأنزل الله تعالى الآية التي بعدها: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٢} وإنما قال ذلك عناداً للحق وبغضاً للرسول ÷.
  قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} وإنما قال ذلك إكراماً لنبيه ÷ وإجلالاً لقدره أن يعذب قوماً هو بينهم تغليباً لحرمته وأنه أرسل إليهم رحمة لهم ونعمة عليهم فلم يجز أن يعذبهم وهو فيهم حتى يستحقوا سلب النعمة بخروجه منهم {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ٣٣} أي وهم يتوبون في الدنيا ويرجعون إلى الطاعة.