سورة براءة مدنية
  قوله تعالى: {... قُلْ إِنْ كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا} يعني اكتسبتموها {وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا} وهي التجارات إذا كسدت بسوقها ونقص سعرها {وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ} وهذه نزلت في شأن قوم أسلموا بمكة وأقاموا فيها ولم يهاجروا عنها إشفاقاً على ما ذكره الله ø وميلاً إليه ومحبة له فذمهم الله تعالى على ذلك ثم قال: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} يعني فتح مكة.
  قوله تعالى: {... ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ} والسكينة الرحمة والإطمأنينة {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} أي من الملائكة المبشرة بالنصر {وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني بالقتل والسبي.
  قوله تعالى: {.. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} أي أنجاس الأبدان كنجاسة الكلب والخنزير وتنزه منهم المساجد كما تنزه من الكلاب والخنازير {بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} يعني بعد سنة تسع من الهجرة وقيل في سنة عشر وهي سنة حجة الوداع وجميع المشركين ممنوعون من دخول المساجد من حربي وذمي {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} والمراد بالعيلة الفقر والحاجة والفاقة بمنع المشركين من الحرم شعراً:
  وما يدري الفقير متى غناه ... وما يدري الغني متى يعيل
  قوله تعالى: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} على العموم في كل ما يغني {إِنْ شَاءَ} ليعلمهم أن الغنى لا يكون بالاجتهاد والسعي وإنما هو من الله تعالى في إغناء من يشاء حثاً على طاعته وتحذيراً من معصيته.