سورة يونس #
  يعلمون بأنه نبي وتقديره حتى جاءهم المعلوم، والثاني: جاءهم القرآن.
  قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} فهذا خطاب من الله تعالى لنبيئه والمقصود به غيره ممن كان شاكاً مما فيه أنزل أن محمد مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} فيه وجهان أحدهما من آمن منهم مثل عبدالله بن سلام وكعب الأحبار، والثاني: من لم يدخل في التحريف والتكذيب منهم ومثل هذا الخطاب كقوله ø: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١]، وإنما المراد بالخطاب الأمة ويحتمل وجهاً آخر وهو أنه خطاب آخر ورد على عادة العرب في توكيد القول والتنبيه على الطاعة كقول الرجل لولده: إن كنت من ابني فتربى، ولعبده إن كنت عبدي فامتثل أمري ولا يدل ذلك على شك الولد أنه من أبيه وأن العبد شاك في أنه ملك لسيده {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ٩٤}.
  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} العذاب بالوعيد والغضب {لَا يُؤْمِنُونَ ٩٦} يحتمل وجهين أحدهما أنه قد وجبت عليهم كلمة ربك بالوعيد والغضب لا يؤمنون أبداً، والثاني أن الذين وقعت عليهم كلمته بنزول العذاب بهم لا يؤمنون أبداً.
  قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} ومعنى الكلام لم تكن قرية آمنت بعذاب بعد أن حقت عليهم كلمت ربك فنفعها إيمانها والمراد بالقرية أهل القرية إلا قوم يونس وهم قوم نينوى من بلاد الموصل فإن يونس وعدهم العذاب بعد ثلاثة أيام فقالوا: انظروا يونس فإن خرج عنا فوعده حق؛ فلما خرج عنهم تحققوه ففزعوا إلى شيخ منهم فقال: توبوا وادعوا وقولوا: يا حي حين لا حي، ويا حي محيي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت. فلبسوا المسوح وفرقوا بين كل