البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة هود

صفحة 364 - الجزء 1

  ميقات هلاكهم لأن النفوس فيه أودع والناس فيه أجمع.

  قوله ø: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} أي أمر الله تعالى للملائكة بعذابهم {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} وروي أن الله تعالى بعث جبريل إلى المؤتفكات قوم لوط فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى أن نباح كلابهم وأصوات دجاجهم تسمع في الهواء ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأتبعها بحجارة من سجيل حتى أهلكها ومن حولها وهي قرى وأكبرها سدوم وهي قرية لوط بين المدينة والشام وكان فيها أربعة آلاف ألف {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} وهي تشبه الطين المشوي حتى تصير كالآجر وتتصلب وتشتد قال ابن مقبل:

  ضرباً تواصى به الأبطال سجينا

  إلا أن النون قلبت لاماً، وقيل: هو فعيل من السجيل وهو الإرسال يقال سجلته أي أرسلته ومنه سمي الدلو سجلاً.

  قوله تعالى: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ} والمسومة المعلمة مأخوذة من السيماء وهي العلامة وكانت الحجارة معلمة بياض في حمرة {عِنْدَ رَبِّكَ} أي في خزائن ربك ومعنى الخزائن أنه لا يملكها غيره ولا يقدر على إرسالها سواه فجرى مجرى الشيء المقدور عليه الممكن التي هو في خزانة متى أريد قدر عليه {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ٨٣} وذكر ذلك على وجه الوعيد لكل ظالم وأمطرت الحجارة على من لم يكن في المدن حين رفعها.

  قوله ø: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} قيل مدين هم قوم شعيب وفي تسميتهم بذلك قولان أحدهما: لأنهم بنو مدين بن إبراهيم فقيل مدين والمراد بنو مدين كما يقال مضر والمراد بنو مضر، والثاني: أن اسم مدينتهم مدين فنسبوا إليها ثم اقتصر في ذكرهم على اسم المدينة تخفيفاً {وَلَا