البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يوسف #

صفحة 390 - الجزء 1

  والسقاية والصواع واحد وهو إناء العزيز الذي كان يسقي به الناس ويشرب وبه كال طعامهم إكراماً لهم {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ٧٠} أي نادى مناد فسمي النداء أذان لأنه إعلام كالأذان، والعير القافلة.

  فإن قيل: فكيف استجاز يوسف أن يجعل السقاية في رحل أخيه ليسرقهم وهم براء وهذه معصية؟ قيل: عن هذا ثلاثة أجوبة أحدها: أنها معصية فعلها الكيال ولم يأمر بها يوسف. والثاني: أن الكيال حين فقد السقاية ظن أنهم قد سرقوه ولم يعلم بما فعله يوسف فلم يكن عاصياً، والثالث: أن النداء كان بأمر يوسف وعنى بذلك سرقتهم ليوسف من أبيه وذلك صدق.

  قوله ø: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ ٧١} لأنهم استنكروا ما قذفوا به مع ثقتهم بأنفسهم.

  {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} وهذه جعالة بذلت للواجد ثم قال: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ٧٢} أي كفيل ضامن.

  فإن قيل: فكيف ضمن حمل البعير وهو مجهول وضمان المجهول لا يصح؟ قيل عن هذا جواب جيد: أن حمل البعير قد كان عندهم معلوماً كالوسق فصح ضمانه.

  {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ٧٣} ي لنسرق لأن السرقة من الفساد في الأرض وإنما قالوا ذلك لهم لأنهم قد كان شرفوهم بالصلاح والعفاف وقيل لأنهم ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم ومن يؤدي الأمانة في غائب لا يُقدم على سرقة مال حاضر {وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ٧٣} من غيركم فنسرق منكم.

  قوله تعالى: {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ٧٤} أي ما عقوبة