البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يوسف #

صفحة 391 - الجزء 1

  من سرق منكم إن كنتم كاذبين لم تسرقوا منا. {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} أي جزاء من سرق أن يسترق {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ٧٥} أي كذلك نفعل بالظالمين إذا سرقوا أن يسترقوا وكان هذا من دين يعقوب #.

  {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} وعنى بها الصاع يذكر ويؤنث {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} أي دبرنا له {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} أي في عادة الملك وقضائه ولم يكن في دين الملك استرقاق من سرق وإنما كان يضاعف عليه الغرم {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أي إلا أن يشاء الله أن يسترق من سرق.

  والثاني: إلا أن يشاء الله أن يجعل ليوسف عذراً فيما فعل {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} بالعلم والحكمة والإمامة {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦} أي فوق كل عالم من هو أعلم منه حتى ينتهي ذلك إلى الله ø.

  فإن قيل: فلم عرض أخاه أن يكون متهماً بالسرقة؟ قيل: عن هذا ثلاثة أجوبة أحدها: أنه أراد أن ينزعه منهم بواجب عندهم فلم يجد إلى ذلك سبيلاً غير ما صنع. والثاني: أن أخاه قد كان يعلم بالحال فلم يقع ذلك منه موقعاً مؤلماً ولم يكن على يوسف في ذلك حرج. والثالث: أنه لما كان في جعل بضاعتهم في رحالهم وهم لا يشعرون تنبيهاً على أنه قد يجوز أن يجعل الصواع في رحل أخيهم وهم لا يعلمون جعل لهم مخرجاً من هذه التهمة فزال عنه الحرج.

  قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} وإنما أرادوا بذلك ليتبروا من فعله لأنه ليس من أمهم وأنه إن يسرق فقد جذبه عرق