سورة يوسف #
  قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} معناه لا تزال في تذكر يوسف وقال أوس بن حجر:
  فمافتئت خيل تثوب وتدعى ... ويلحق منها لاحق وتقطع
  أي فما زالت حتى تكون حرضاً أي هرماً دنفاً وأصل الحرض فساد الجسم والعقل من مرض أو غيره قال الشاعر:
  إني امرؤ ولج بي حب فأحرضني ... حتى بليت وحتى شفني السقم
  {أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ٨٥} أي ميتاً من الميتين.
  فإن قيل: فكيف صبر يوسف # عن أبيه بعد أن صار ملكاً متمكناً بمصر، وأبوه بحران من أرض الجزيرة وهلا عجل استدعاءه ولم يتعلل بشيء بعد شيء؟
  قيل: يحتمل ذلك أربعة أوجه أحدها: أن يكون فعل ذلك عن أمر الله تعالى ابتلاهما به لمصلحة علمها لأنه نبي مأمور. والثاني: أنه بلي بالسجن فأحب بعد فراقه أن يبلو نفسه بالصبر. والثالث: أن في مفاجئ السرور يضر فأحب أن يروض نفسه بالتدريج. والرابع: لئلا يتصور الناس تعجيل استدعائهم فاقة أهله.
  قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} والبث الهم والبث تفريق الهم بإظهار ما في النفس وإنما شكا ما في نفسه فجعله بثاً وهو مبثوث {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨٦} أي أعلم أن رؤيا يوسف صادقة وأني ساجد له.
  قوله تعالى: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} استعلموا وتفرقوا ومنه قول عدي بن زيد: