البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يوسف #

صفحة 395 - الجزء 1

  فإن حييت فلا أحسسك في بلدي ... وإن مرضت فلا تحسسك عوادي

  وأصله طلب الشيء بالحس {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} أي من فرج الله ورحمته وإنما قال يعقوب ذلك لأنه تنبه على يوسف برد البضاعة واحتباس أخيه وإظهار الكراهة.

  قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} وهذا من أبلغ ترقيق وأحسن استعطاف وإنما قصدوا بذلك توفية كيلهم والمحاباة لهم ورد أخيهم عليهم {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} وأصل الإزجاء السوق بالدفع ومنه قول الشاعر:

  تزجي أغن كان ابره روقة ... قلم أصاب من الدواة مدادها

  والمزجاة البضاعة القليلة الكاسدة ومنه قول الراعي:

  ومرسل ورسول غير متهم ... وحاجة غير مزجاة من الحاحي

  {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} أي مثل كيلهم الأول لأن بضاعتهم الثانية كانت أقل {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} أي تفضل علينا بالزيادة على حقنا لأن الصدقة محرمة على الأنبياء.

  قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ} معناه قد علمتم كقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}⁣[الإنسان: ١]، أي قد أتى، ذكر لنا أنهم لما قالوا: {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} رحمهم ورق لهم وقال: {هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ} وعدد عليهم ما صنعوا بهما {إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ٨٩} يعني جهل الصغر فحينئذ عرفوه فـ {قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ