البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يوسف #

صفحة 396 - الجزء 1

  يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} بالسلامة والكرامة {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} على بلواه {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ٩٠} في الدنيا والآخرة.

  قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ ءَاثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} أي فضلك الله علينا مأخوذ من الإيثار وهو إرادة تفضيل أحد البنين على الآخر، شعرا:

  والله سماك اسماً مباركاً ... أنزل الله به إيثاركا

  {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ٩١} فيما صنعوا بيوسف.

  فإن قيل: فقد كان عند فعلهم به ذلك صغاراً ترفع عنهم الخطايا؟ قيل: لما كبروا لو استداموا إخفاء ما صنعوا صاروا حينئذ خاطئين.

  قوله تعالى: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} لا تغيير عليكم اليوم ولا تأنيب عليكم فيما صنعتم.

  قوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} بعدما عمي، ويحتمل أن يكون بمعنى مستبصراً بأمري لأنه إذا شم ريح القميص عرفني ولولا أن الله سبحانه وتعالى أعلم يوسف ذلك لم يعلم أنه يرجع إليه بصره وكان حمل قميصه يهوذا بن يعقوب قال ليوسف أنا الذي حملت إليه قميصك بدم كذب فحزنته فأنا الذي أحمل قميصك لأسره ليعود إليه بصره فحمله {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ٩٣} ليتخذوا مصر داراً.

  قوله تعالى: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} أي خرجت من مصر منطلقة إلى الشام {قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ٩٤} يعني لولا أن تسفهون ومنه قول النابغة الذبياني:

  إلا سليمان إذ قال المليك له ... قم في البرية فاحددها عن الفند