البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة إبراهيم # مكية

صفحة 414 - الجزء 1

  {... ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي} أي المقام بين يدي وأضاف ذلك إليه لاختصاصه به والفرق بين المقام والمَقَامِ أن المقام إذا ضم فهو فعل الإقامة وإذا فتح فهو مكان الإقامة {وَخَافَ وَعِيدِ ١٤} وهو كل ما تضمنه القرآن من الزواجر.

  قوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ١٥} يعني أن الرسل استفتحوا بطلب النصر والجبار المتكبر، والعنيد المعاند للحق المتباعد عنه، شعراً:

  ألست إذا تشاجر أمر قوم ... بأول من يخالفهم عنيدا

  قوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} يعني من بعد هلاكه جهنم ويحتمل أن يكون المعنى أمامه جهنم قال الشاعر:

  ومن ورائك يوم أنت بالغه ... لا حاضر معجز عنه ولا بادي

  قوله تعالى: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} يعني من كل مكان من جسده ويجوز ويأتيه الموت من كل جهة عن يمينه وشماله ومن فوقه ومن قدامه وخلفه، ويحتمل وتأتيه شدائد الموت وامتداد سكراته ليكون ذلك زيادة في عذابه {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ١٧} والغليظ هو الخلود في جهنم.

  قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} وهذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكافر في أنه لا يحصل على شيء منها بالرماد الذي هو بقية النار الذاهبة وإذا اشتدت به الريح العاصف وهي الشديدة فأطارته لم يقدر على جمعه، كذلك الكافر في عمله.