البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة إبراهيم # مكية

صفحة 416 - الجزء 1

  قبلكم بما أشركتموني من بعد لأن كفر الشيطان قبل كفرهم.

  قوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ٢٣} والتحية الملك ومعناها أن ملكهم في الجنة دائم ونعيمهم سالم من الآفات والعاهات، ومعنى قوله: التحيات لله أي الملك لله.

  قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} الكلمة الطيبة الإيمان ويجوز أن يكون نفس المؤمن. والشجرة الطيبة روينا عن رسول الله ÷ أنها النخلة {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} في الأرض {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ٢٤} أي تحتها.

  {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} والحين الوقت قال النابغة:

  يبادرها الراقون من سوء سمها ... تطلقه حيناً وحيناً تراجع

  وروينا أن الحين في هذا الوقت ثمانية أشهر لأنها مدة الحمل ظاهراً وباطناً وشبه الكلمة الطيبة بها أنها ثابتة في القلب كثبوت أصل النخلة في الأرض فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما يعلو فرع النخلة إلى نحو السماء فكلما ذكرت نفعت كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت.

  قوله تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} فيها قولان أحدهما: الكفر، والثاني: أنها الكافر بنفسه {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} قيل إنها الحنظل {اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} أي اقتلعت من أصلها {مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ٢٦} يعني ما لها من أصل وثبات وتشبيه الكلمة الخبيثة بهذه الشجرة التي ليس لها أصل يبقى ولا ثمر يستحلى وأن الكافر ليس له عمل يبقى ولا ذكر في السماء يرقى.

  قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} ومعنى يثبتهم أي يديمهم الله على القول الثابت ومنه قول عبدالله بن روواحة:

  يثبت عبدالله ما أتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصرا