البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحجر مكية

صفحة 423 - الجزء 1

  فكلما هموا بالسمع لذلك رماهم الله بشهاب القذف فيصرف (عن)⁣(⁣١) ذلك ويردع مما همت به والشهاب نور يمتد بضيائه الشديد فيحترق من وقع فيه من تلك الأجسام النارية وهي أجسام الجن قال ذو الرمة:

  كأنه كوكب في إثر عفريت ... مسوم في سواد الليل منقضب

  {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} أي بسطناها قيل إنها بسطت من مكة لأنها أم القرى {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} وهي الجبال {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ١٩} يعني بقدر معلوم وإنما قيل موزون لأن الوزن يعرف به مقدار الشيء.

  قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} يعني التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة والانتفاع بما خلق الله تعالى في الأرض من الملابس والمطاعم والمشارب {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ٢٠} من الدواب والأنعام والوحش.

  قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} يعني المطر المنزل من السماء لأن به نبات كل شيء من الحيوان {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢١} روينا عن أمير المؤمنين علي # أنه قال: ما كان عام أمطر من عام ولكن الله يقسمه حيث يشاء فيمطر قوماً ويحرم آخرين.

  قوله تعال: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} يعني لواقح السحاب حتى يمطر وكل الرياح لواقح غير أن الجنوب ألقح روينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «ما هبت جنوب إلا أتبع الله به غيثاً غدقة»


(١) زيادة من نخ (هـ).