البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحجر مكية

صفحة 429 - الجزء 1

  قوله تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} يعني إلى ما متعنا به من الأموال وفي قوله أزواجاً يعني أشباهاً وأصنافاً في الغنى والمتاع وهذا وإن كان خطاباً للنبي ÷ فالمراد به الأمة {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} يعني بما أنعمت عليهم في دنياهم.

  روى أبو رافع مولى رسول الله ÷ أنه نزل بالنبي ÷ ضيف فلم يجد عنده ما يطعمه فأرسل إلى رجل من اليهود يستسلف منه طعاماً إلى هلال رجب فقال: لا أسلف إلا برهن فقال النبي ÷: «أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض لو أسلفني أو باعني لأديت إليه» فنزلت هذه الآية: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ٨٨} يعني ألن جنابك لهم، شعراً:

  وحسبك رفعة لزعيم قوم ... يمد على أخي ثقة جناحا

  قوله تعالى: {.. كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ٩٠} يعني أهل الكتب الذين اقتسموا كتبهم فآمن بعضهم ببعضها وكفر ببعضها وآمن آخرون منهم بما كفر به آخرون غيرهم، وكفر بما آمن به غيرهم، ويحتمل أن تكون الآية في كفار قريش حين اقتسموا القرآن فجعل بعضه شعراً وبعضه سحراً وبعضه كهانة وبعضه أساطير الأولين، وقيل: هم قوم صالح تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين كما قال الله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ٤٨} ... الآية [النمل].

  {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْءَانَ عِضِينَ ٩١} أي أجناساً كما ذكرناها في قولهم: هو شعر لا بل سحر فجعل أعضاء كما تُعضى الجزور وعضين جمع عضو مأخوذ من عضيت الشيء تعضية إذا فرقته كما قال رؤبة: