البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النحل

صفحة 435 - الجزء 1

  الفي الرجوع ولذلك كان اسماً للظل بعد الزوال لرجوعه ويجوز أن يكون بمعنى يدور ويتميل {ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ} يعني تارة إلى جهة اليمين وتارة إلى جهة الشمال وسجود الظلال سجود أشخاصهما {وَهُمْ دَاخِرُونَ ٤٨} أي صاغرون خاضعون قال ذو الرمة:

  فلم يبق إلا داخراً في محبس

  قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ} والمعنى أن سجوده ظهور ما فيه من قدرة الله ø التي توجب على العباد السجود لها {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ٤٩} عن الخضوع لقدرة الله ø.

  {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٥٠} فيه وجهان أحدهما: يعني عذاب ربهم من فوقهم لأن العذاب ينزل من السماء. والثاني: يخافون قدرة الله التي فوق قدرتهم وإن كان الله ø محيط العلم بجميع الجهات.

  قوله تعالى: {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} والدين الطاعة والإخلاص، واصباً أي واجباً خالصاً يدوم ولا يزول قال الدؤلي:

  لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه ... يوماً يدوم الدهر أجمع واصبا

  قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ٥٣} والضر كل ما يستضر به من قحط أو فقر، وتجأرون تفصحون بالدعاء وتضرعون في النداء واشتقاقه من جؤر الثور وهو صياحه.

  قوله تعالى: {... وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ