البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النحل

صفحة 436 - الجزء 1

  كَظِيمٌ ٥٨} متغير اللون بسواد أو غيره، والكظيم الحزين المغموم يطبق فاه فلا يتكلم من الغم مأخوذ من الكظامة وهو سد فم القربة {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} يعني على الهوان {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} يعني الموؤدة.

  قوله تعالى: {.. وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ} يعني في الدنيا بأن لا يمهلهم في الأغلب من أحوالهم {مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} يعني بإهلاكهم لأخذه لهم بظلمهم.

  فإن قيل: فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمناً ليس بظالم؟ فعن ذلك ثلاثة أجوبة أحدها: أن يحصل بهلاك الظالم انتقاماً وجزاء وهلاك المؤمن معوضاً بثواب الآخرة. والثاني: ما ترك عليها من دابة من أهل الظلم، والثالث: لو أهلك الآباء بالكفر لم تكن الأبناء.

  {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} يعني من البنات {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} أي الجزاء الحسن مع اعتقادهم الكفر {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} يعني قطعاً أن لهم النار، وحقاً أنهم مفرطون، وحقاً أنهم يعذبون بها، وأنهم مفرطون أي مقدمون إلى النار ومنه قول النبي ÷: «أنا فرطكم على الحوض» أي متقدمكم، قال القطامي:

  واستعجلونا وكانوا من صحابتنا ... كما تعجل فراط لوراد

  وقرئ بكسر الراء وتخفيفها ومعناه مسرفون في الذنوب من الإفراط فيها وقرئ بكسر الراء وتشديدها ومعناه من التفريط.

  قوله تعالى: {... وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} والسكر ما حرم من شرابه والرزق الحسن ما حل من ثمرته وقيل السكر الخل ببعض اللغات.