سورة النحل
  قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} والوحي إليها إلهامها وتسخيرها {أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ٦٨} هو الكرم {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} هو من صفات النحل لأنها تنقاد وتذهب حيث شاء صاحبها وتتبع أصحابها حيث ذهبوا تشبيهاً بالدابة الذلول لأن راكبها يصرفها كيف شاء وأراد {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ} يعني العسل {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} لاختلاف أغذيته {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} يجوز أن تكون الهاء عائدة إلى القرآن يعني فيه بيان لكل شيء، والثاني: أن تكون الهاء عائدة إلى العسل وفي العسل شفاء للناس.
  قوله تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} وأرذل العمر الهرم لأنه أوضعه وأبغضه إلى الإنسان {لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} يعني أنه يعود جاهلاً لا يعلم شيئاً كما كان في حال صغره لأنه قد نسي ما كان قد علم ولا يستفيد ما لم يعلم.
  قوله تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} فيه وجهان أحدهما السادة على العبيد والثاني: الأحرار فضل بعضهم على بعض لاقتضاء مصالحهم {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} يعني عبيدهم لما لم يشركوهم في أموالهم لم يجز لهم أن يشاركوا الله تعالى في ملكه وفي هذا دليل على أن العبد لا يملك.
  والثاني أنهم وعبيدهم سواء في أن الله تعالى رزق جميعهم وأنه لا يقدر أحد على رزق عبده إلا أن يرزقه الله تعالى كما لا يقدر أن يرزق نفسه {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} يعني آدم خلق من فاضل طينته حواء {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} قيل الحفدة أختان