البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النحل

صفحة 439 - الجزء 1

  قوله: كن فيكون وإنما سماها ساعة لأنها جزء من يوم القيامة وأجزاء اليوم ساعاته وسبب نزولها أن كفار قريش سألوا رسول الله ÷ عن قيام الساعة استهزاء بها فأنزل الله تعالى هذه الآية.

  قوله تعالى: {... وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا} عنى به الشجر {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} وهو ما يستكن به الإنسان {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} يعني ثياب العطب والكتان والصوف {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} يعني الدروع التي تقي البأس وهو الحرب.

  فإن قيل: كيف قال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} ولم يذكر السهل وقال: {تَقِيكُمُ الْحَرَّ} ولم يذكر البرد؟

  وعن ذلك جوابان أحدهما: أن القوم كانوا أصحاب جبال ولم يكونوا أصحاب سهل وكانوا أهل حر ولم يكونوا أهل برد فذكر لهم نعمته عليهم فيما يختص بهم، والثاني: أنه اكتفى بذكر أحدهما عن ذكر الآخر إذ كان معلوماً أن من اتخذ من الجبال أكناناً اتخذ من السهل والسرابيل التي تقي الحر تقي البرد ومنه قوله الشاعر:

  وما أدري إذا يممت أرضاً ... أريد الخير أيهما يليني

  فكنى عن الشر ولم يذكره لأنه مدلول عليه.

  قوله تعالى: {.. يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} يعني ما عدد تعالى عليهم في هذه السورة من النعم وأنها من عند الله، وينكرونها بقولهم: إنهم ورثوا ذلك عن آبائهم وبقولهم لولا فلان ما أصبت ذلك، ويحتمل أن تكون النعمة رسول الله ÷ والأئمة من ولده بعده وإنكارهم أنهم عرفوا نبوته وصدقه وكذبوه وجحدوه بعد ذلك وهذه